أرشيف

المصارف العربية وقدرتها التنافسية في ظل عولمة الإقتصاد مبارك الحمادي

لإمتلاك كبرى مصارف الدول المتقدمة مجمل مقومات القوة التنافسية تبدو قدرتها التنافسية حقيقة مؤكدة في الساحة الدولة نتيجة إستفادتها من مخرجات العولمة الإقنصادية التى سارعت – مقابل سيطرتها على إقتصادات الدول الأخرى- على تطويع وجودها بما يخدم النظام الرأسمالي إلا أن هذة الآلية بدت متواضعة تدريجياً بفعل البرامج التى إتبعتها بقية قائمة الدول الكبرى  كدول الإتحاد الأوروبي والصين واليابان التى سخرت مبدأ العولمة الإقتصادية كي تتمكن من الظهور وإبان قدرتها على إدارة الإقتصاد حال تم إختلال تام في ميزان القوى،  الأمر الذي ساعدها دخول سوق المنافسة في شتى الأمصار خاصة في دول العالم الثالث وتحديداً دول الخليج العربي التى يعرف عنها انها ذات سيولة فائضة وماتزال خدماتها المصرفية قليلة ولأن الدول العربية  لم تبدأ بعد بتطبيق كلي للأنظمة المصرفية  في مختلف قطاعاتها تبدو قدرتها التنافسية  غير مضمونة

ولكي تتضح الدلالة أكثر سنتطرق في الحلقات القادمة لذلك من عدة جوانب. 

مفهوم التنافس

الكثير من الدراسات الاقتصادية عرفت مفهوم المنافسة أنها كل السياسات المؤثرة على نشاط السوق وهي وفق رؤية البنك الدولي تشمل الإجراءات الحكومية التى تؤثر مباشرة على النشاط وهيكل الخدمات في حين أشارت أدبيات منظمة التجارة العالمية  إلى أنها تعني مجمل التدابير والإجراءات المستخدمة لزيادة مؤشرات الأسواق والسلوك التنافسي

المعايير

إحتل معيار التنافس بين المصارف أهمية قصوى في الآونة الأخيرة تبعا للتداخل الشديد بين معظم السياسات التجارية وأصناف التجارة الدولية  كتخفيض الرسوم ، وإلغاء الحواجز الجمركية وترسيخ مدلول أن العالم اليوم أشبه بالقرية الكونية من خلال إستعمال الكثير من المؤسسات المالية والمصرفية والشركات سياستها الإحتكارية والعمل في إطار تكتلات لحماية حصصها السوقية والإستفادة من الفرص التى هيأتها إتفاقية تحرير الخدمات المالية والمصرفية بزيادة معدل الدخل في الأسواق الأجنبية والتطور التقني وصولاً إلى إرتفاع معدلات النمو الإقتصادي إضافة إلى الأنشطة التى تقوم بها الشركات متعددة الجنسية  في تحقيق التكامل الإقتصادي  عبر السوق وتعزيز المكاسب من الخصحصة  والأسواق الحرة وعلى ضوء هذة المعايير ستظل المصارف العربية غير قادرة على مسايرة طور التنافس المصرفي أمام تدفق رأس المال الأجنبي

مرتكزات العولمة

بإعتبار العولمة في المجال الاقتصادي زيادة تدويل الإنتاج في التجارة العالمية والاستثمار الأجنبي المباشر وفتح المجال للإستثمار أكثر بالأسواق المالية ، لتظل نقاط قوتها التنافسية مهيمنة على المصارف بالتحكم بقوالب الصناعة في عالم تكنولوجيا المصارف  وألية التدوال في البورصات مهما تباينت المخاطر في عملياتها الإئتمانية إذ أخذت طريقاً أخر بعد أزمة الديون الكبيرة "1982" وحتى مطلع الثمانينيات من القرن الماضي إلى فتح نظم مصرفية تضمن تحكمها وتفردها بإصدار القرار على سائر القطاعات .

ظروف المنافسة

طالما البنوك العربية بصفة عامة لم تصل بعد إلى مستوى البنوك الرائدة مقارنة بما تقدمه الأخيرة من حيث الخدمات والمنتجات ونوعية إشتغالاتها  قديكون  وضعها تقليدياً  ورأس مالها لايكفل ذلك بمعنى أنها ذات ملاءة مالية محدودة ولأن البنوك في دول مجلس التعاون الخليجي تتمتع بمركز مالي قوي وببنية تحتية قد تؤهلها مشاركة عالم التنافس لإعتمادها على صادرات قطاع الإنتاج النفطي بيدا أنها هي الأخرى ماتزال ترزح تحت وطأة الوسائل المتداولة سابقاً بدليل أن الأحداث الاقتصادية الأخيرة الناتجة عن أزمة الرهن العقاري أثرت على قوائمها المالية وهذا مادعاها لأن تعيد النظر في سياستها النقدية وخططها المرحلية خصوصاً أن حاجة العملاء تكون أكثر إقبالا للخدمات التى تلبي رغباتهم بأسرع وقت ممكن وبمواصفات عالية الدقة .

الواقع

يبدو أن القطاع  المصرفي في الوقت الراهن يشهد تغيراً ملحوظاً في بناه المصرفية من حيت التقنية الألكترونية  التي تضفي لها مشروعية إشتغالها بهذة الأدوات  لتعوض ما فقدتها أغالبها بالأزمة المالية العالمية  نتيجة إستثماراتها بتلك البنوك التى أشهرت إفلاسها وكذلك الأثار الناجمة من موجة الهبوط بسعر الدولار .

ولأن طبيعة الحال تنفي تأثربنوك عربية بالزلزال المالي إذ ما شوهد كان عكس ذلك تماماً بدءاً بضخ المزيد من السيولة إلى الأسواق المحلية وإيجاد برامج تحفيزية تعد بمثابة وسيلة وقائية ليس إلا، فبعض المصارف أعادت إستيراتيجتها بإخضاعها لمشروع الهيكلة  بما يتلائم وجوهر الأداء المصرفي على الساحة الدولية وهي في ذلك إستوعبت مجريات الأحداث وبرامج الإصلاح المالي والنقدي في البلدان المتقدمة  وعلى رأسها دول مجموعة العشرين .

ومن جانب أخر كان معلم التغير بفتح المجال للأستثمارات الأجنبية في دول المنطقة عملاً بمبدأ  سياسة الإنفتاح الإقتصادي على العالم الخارجي من خلال تدارس نسب الفائدة على برامج الإقراض ومواصلة تفعيل لوائحها التشغيلية

جوهر التكتلات

دائماً يعمل القطاع المصرفي في الدول الغربية ضمن كتلة نقدية واحدة لتسعى إلى إلزام الأخرى لإتباعها فالتكتل المصرفي دليل قوة وتمثل هذا النموذج بدول الأتحادالأوروبي  فكان لهذا الكيان  صداه على نطاق أوسع كونه واضح الرؤية وأهدافه جلية فهي بحق تجربة لافتة بكل المقاييس لجعها العملة الرئيسة "اليورو" الأداة الأولى بل الوسيلة التى تمنحها معناها للتعامل برغم التباينات في إقتصاداتها الوطنية ومؤشرات التوازن في ميزان المدفوعات وبالمثل شهدت المنطقة العربية بقالب أخر هذا الحدث ولم تتفق بعد إلى إكمال مشروعها النقدي كمنظومة متكاملة وهي دول مجلس التعاون الخليجي،  وبحسب كثير محلليين إقتصاديين تضمن المنظومة النقدية الواحدة دخول عالم التنافس المصرفي إن توصلا الأطراف إلى عملة واحدة بدلاً عن سلات عملات وتبدأ بفك إرتباطها بالدولار ، مالم ستكون كعادتها.

القطاع الأسلامي

من المتعارف عليه أن كثير بنوك عربية توجهت لممارسة أنشطتها من منظور إسلامي فكسبت  مزيد من العملاء الذين يرونها خير قناة لإدخار أموالهم وإستثمار ها ولأنها حققت أرباحا وحازت على ثقة المودعين والمساهمين فهي لم تكن بمنأى عن الأزمة المالية وقد تعاني أكثر لإلزامها الإحتفاظ بنسب من ودائعها بالبنوك المركزية وتدفع عنها الفائدة وليس بإمكانها أيضا الإقتراض من البنوك المركزية رغم ‘احتياجها للدعم في الظروف الإستثنائية

ممكنات التنافس

عالم اليوم يتسم بالسرعة وبات يعتمدأكثر من أي وقت مضي على عائدات الإقتصاد الشبكي أو الرقمي بالصيرفة الإلكترونية التى ساهمت في نشر ثقافة التداولات المصرفية لدى شرائح المجتمع وعلى ضوئها تقاس حجم ملاءتها(البنوك) وكفاية رأس المال فجديد هذة التقنية يرفد الإقتصاد الوطني المزيد من المدخرات طالما البنوك تتماشى مع المتطلبات الدولية القائمة على أسس ومبادئ سليمة وتتوخى الموضوعية في الإفصاح عن إنجازاتها وفقاً للمبادئ المعمول بها في المصارف الغربية التى إستلهمت مقررات النظم واللوائح كتحديد سقف المصرف الإئتماني ومدى ربطه برأس المال وماهية البنود خارج الميزانية وبإعتبار البنوك أعمدة الإقتصاد فهي بالدول العربية لم ترق بعد إلى مستوى الأفضل وبالتالي تصبح عرضة للخسارة مالم تمضي قدماً نحو العمل الذي يكفل نجاحها بعيداً عن المخاطر العالية . 

زر الذهاب إلى الأعلى